
يقضي أحمد وعلي ومرتضى واسراء وعشرون اخرون غيرهم من الأيتام، أوقاتاً علمية نافعة في مدارس العميد في بابل التي تكفلت دراستهم مجاناً، بحكم آلية التعليم المتقدمة التي تعمل بها المدارس من قبيل وجود مختبرات علمية حديثة وتقديم دروس اثرائية تسهم في بناء شخصية التلميذ إضافة إلى اتباع أساليب تعلم سريعة داخل الصفوف.
فمدارس العميد الابتدائية التابعة للعتبة العباسية المقدسة، والمشيدة على مساحة تقدر بـ (3600) م٢ تحولت إلى علامة فارقة في قطاع التربية في المحافظة رغم حداثة افتتاحها، نتيجة العمل المكثف لملاكها واتباع احدث اساليب التعليم في البلاد لإعداد جيل من الطلبة يتصف بالعلم والوعي والأخلاق.
ورغم الإقبال الكبير من قبل ابناء المحافظة على التسجيل في مدارس العميد، تحرص الإدارة على قبول عدد محدد وفق ما تسمح به خطة القبول لتجنب حالة الاكتظاظ الطلابي داخل الصف بما يؤثر على جودة التعليم وإيصال المعلومة إلى التلاميذ، إذ لا يتجاوز عدد التلاميذ في الصف الواحد الـ30 تلميذا في أقصى الحالات.
يقول مدير مدرسة العميد للبنين يحيى مهند كاظم، إن "نظام التعليم المتبع في مدارس العميد يعد من أفضل الانظمة المطبقة في العالم ويعتمد معايير دولية في إيصال المعلومة إلى التلميذ لضمان تحقيق جودة التعليم".
مبيناً، "التعليم داخل المدرسة يجري وفق نظام المجموعات أو ما يسمى عالمياً بـ( التعلم النشط) ويتم من خلال تقسيم التلاميذ إلى مجموعات ومن ثم التباحث معهم في المواضيع المحددة في كل درس".
ويؤكد، "هذه الطريقة من التعليم أثمرت نتائج جيدة من خلال ما لاحظناه من تطور واضح للمستويات العلمية للتلاميذ بما يتلاءم مع اعمارهم".
وتولي مدارس العميد المختبرات العلمية أهمية كبيرة بوصفها مفاصل مهمة في عملها وتعزز من المستوى العلمي والفكري للتلاميذ وتصنع لهم أجواءً علمية ميدانية تخلق لديهم حالة تفاعل مستمر مع المادة الدراسية.
وفي هذا الصدد يقول مدير مدرسة العميد للبنين، إن "المدرسة حرصت على توفير مختبرات علمية تساعد في تنمية مهارات التلميذ العلمية والفنية والفكرية من قبيل مختبر للحاسبات واخر للعلوم إضافة إلى مرسم ومكتبة للقراءة".
ويضيف، "درس الحاسوب يبدأ مع التلميذ من الصف الاول الابتدائي ويستمر حتى الصف السادس لتدريب التلاميذ على مهارات استخدام التقنيات الحديثة في الكتابة والبحث ومختلف الأعمال التي تنجز عن طريق الحاسبة".
لافتاً إلى، أن "مختبر العلوم يحوي على أدوات تعليم كاملة فيما يتعلق بالمجسمات التي توضح الاعضاء الكاملة لجسم الانسان إضافة إلى مخططات توضيحية تساعد التلاميذ في استيعاب موضوع الدرس بشكل أسرع".
وفيما يتعلق بوجود المرسم يؤكد مدير المدرسة، على أنه "مجهز بأدوات الرسم كاملة وهو مكان مهم جدا يخلق حالة من الراحة لدى التلاميذ من خلال إتاحة الفرصة لهم في رسم ما يخطر في مخيلتهم".
موضحا، "المدرسة لم تتعامل مع درس الفنية على أنه هامشي بل يتم التركيز عليه أسوة بالدروس الأخرى فمن خلاله اكتشفنا طاقات فنية جيدة".
الدروس الاثرائية
وتعد الدروس الاثرائية من الميزات الجديدة التي تنفرد بها مدارس العميد الابتدائية، فهي تتعامل معها كإحدى الركائز الأساسية المتبعة في بناء شخصية التلميذ من خلال ما تتناول من مواضيع اجتماعية وفكرية تنمي شخصية التلميذ وتجعل منه مستعداً للتعامل مع قضاياه اليومية.
مصطفى اسماعيل المعلم المسؤول عن الدروس الاثرائية في مدرسة العميد للبنين يقول، إن "مدارس العميد اخذت بنظر الاعتبار بناء شخصية التلميذ من الجانب الفكري والثقافي والاجتماعي إلى جانب البناء العلمي والتربوي من خلال إضافة دروس اثرائية مهمة وغير مملة تضع التلميذ موضع القيادي في النقاش وطرح المعلومات".
ويشير، "من بين الدروس الاثرائية التي نقدمها في المدرسة (اقرأ و أرق)، إذ نتناول في هذا الدرس قراءة مواضيع مختلفة من القصص الهادفة والأفكار البناءة ونحاول شرحها للتلاميذ بطريقة ترسخ في أذهانهم لتتحول إلى مناهج عملية في حياتهم".
مبينا، "من خلال هذا الدرس نعمل على أن يحضر التلاميذ داخل مكتبة المدرسة للاطلاع على الكتب وتعزيز حب القراءة لديهم لنحصل على جيل يعي أهمية الكتاب "، لافتاً إلى أن " المدرسة تعمل على إشراك التلاميذ في عملية ترتيب الكتب وتنظيم المكتبة وتنظيفها ليشعروا أنها جزء من حياتهم اليومية وممتلكاتهم الخاصة".
ويضيف اسماعيل، "من بين الدروس الاثرائية الأخرى التي تقدمها المدارس ( الأذن الواعية)، فمن خلال هذا الدرس يتم تحفيظ التلاميذ سور قصار".
منوهاً إلى أنه " يتم من خلال هذا الدرس أيضا تفسير بعض الآيات القرآنية تفسيراً منهجيا بسيطاً يتلائم مع اعمار التلاميذ ويبين الفوائد والتطبيقات العملية من الآيات القرآنية".
درس الإرشاد
تركز إدارة مدارس العميد على درس الإرشاد، ومع كونه درساً اثرائيا لكنه يقف على الكثير من المشاكل عند التلاميذ سواء التي تحدث لهم في المدرسة أو المنزل.
وبحسب مدير مدرسة العميد للبنات سوسن الاعرجي، فأن "هذا الدرس يقدم من خلال مختصين في مجال علم النفس يقدمون من خلاله النصائح اليومية للتلاميذ فيما يتعلق بسلوكهم الاجتماعي".
مشددة، "معلمو الإرشاد يحرصون على أن يكونوا قريبين من الطلبة والاطلاع على مشاكلهم العامة والخاصة ومراقبة الألفاظ غير اللائقة التي يمكن أن تصدر منهم".
منوهة إلى، أن "مدارس العميد تحقق تواصلا مستمرا مع عوائل التلاميذ من خلال برنامج اليكتروني يسمى (المرقاب)، يتم فيه مناقشة أوضاع التلاميذ وسلوكياتهم وتقديم النصائح للعائلات في كيفية التعامل معهم".
وتكمل، "إننا في مدرسة العميد للبنات نأخذ بنظر الاعتبار مسألة الحجاب ونركز عليها بوصفها تكليفا شرعياً يحفظ الفتاة ويصونها".
وتختم الاعرجي حديثها "نتعامل مع التلاميذ سواءً البنين أو البنات بأسلوب يجعلهم يتقبلون النصائح على أنها جزء من حياتهم بعيدا عن الإكراه وهو ما لمسنا ثماره في الصفوف الأخيرة في المدرسة".
وتحوي مدارس العميد في بابل على قرابة الـ (800) تلميذ وتلميذة موزعة على بنايتين إحداهما للبنين والأخرى للبنات بنفس المساحة، ونجحت المدارس بتقديم أنموذج تعليمي متقدم أخذ بنظر الاعتبار تنمية المهارات العلمية والفكرية والاجتماعية للتلاميذ.
ونجحت المدرسة أيضا من خلال اتباعها طرق تعليم حديثة على تهيئة نخبة من التلاميذ لها القدرة على المشاركة في مختلف المسابقات التي تقام على المستوى المحلي والوطني من قبيل مسابقات حفظ وتلاوة القرآن الكريم ومسابقات الرسم والخطابة وحققت خلالها المدرسة مراكز متقدمة.
وتنظم المدرسة عددا من الفعاليات والأنشطة الاجتماعية من قبيل جمع تبرعات من التلاميذ بشكل طوعي تتمثل بملابس وأغراض مدرسية يتم إيصالها من قبلهم شخصيا إلى مؤسسة العين لرعاية الأيتام، اضافة الى استضافة شخصيات ناجحة ومن ذوي الهمم تحضر بين التلاميذ وتتحدث عن تجاربها وما حققته من نجاحات في حياتها اليومية دون أن تركن للعجز.