
العتبة العباسية تلبي نداء المرجعية العليا
تبذل اللجنة الإغاثية التي أسستها العتبة العباسية المقدسة لدعم العوائل اللبنانية النازحة جهدًا مهماً على صعيد هذه المهمة الإنسانية.
إذ اسهمت اللجنة التي كانت في طليعة الجهات المتصدية لأزمة النازحين بشكل كبير في الحد من معاناة اللبنانيين النازحين، بعد أن اتخذت من منطقة السيدة زينب عليه السلام مركزا لها نظراً لاحتضانها الآلاف من العوائل اللبنانية.
إذ تسببت الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني بنزوح أعداد كبيرة من المدنيين العزل إلى الجمهورية العربية السورية للفرار من جرائم القصف العشوائي التي استهدفت مناطقهم في عدة مناطق لبنانية خصوصاً الواقعة في الجنوب.
يقول السيد أمين جعفر من بلدة النبطية اللبنانية، 'تسببت الهجمات الصاروخية التي تنفذها طائرات الاحتلال الصهيوني بهدم منزلي بشكل كامل، فضلاً عن عدد من منازل الجيران'.
مضيفاً، 'كتبت لنا النجاة من القصف بسبب ترك المنزل مبكراً، فيما لم ينجُ مع الأسف بعض الجيران'.
مبيناً، 'استشهد أربعة أفراد من عائلة واحدة كانوا يقطنون في منزل لا يبعد عن محل سكناي سوى بضعة أمتار قليلة'.
وصعد الكيان عملياته الهجومية على القرى والمدن اللبنانية مطلع شهر أكتوبر الماضي، وشملت تلك الهجمات الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
تلك المعاناة والظروف القاهرة التي ألمت بآلاف الأسر النازحة من لبنان دعت العتبة العباسية المقدسة إلى المبادرة بتشكيل لجنة إغاثة عاجلة لمساعدة النازحين، مسخرة جل جهدها في سبيل تقديم يد العون والمساعدة لهم.
اذ يعزو السيد هاشم الشامي رئيس لجنة الإغاثة المبادرة الإنسانية إلى استشعار سماحة المتولي الشرعي السيد أحمد الصافي وأعضاء مجلس الأمانة العامة للعتبة حجم المأساة التي تتكبدها الأسر اللبنانية.
ويقول، 'امتثالاً إلى توجيهات المرجعية العليا المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، وجه سماحة المتولي للعتبة العباسية المقدسة بتشكيل لجنة إغاثة عاجلة تعمل على إعانة النازحين اللبنانيين إلى الجمهورية السورية بشكل عاجل وفق إجراءات سريعة'.
ويضيف، 'انطلقت قوافل اللجنة فوراً من مدينة كربلاء المقدسة صوب العاصمة السورية دمشق وتحديداً مدينة السيدة زينب عليها السلام محملة بأطنان من الأدوية والأغذية والمساعدات العاجلة والأغطية والأفرشة''.
ومدينة السيدة زينب عليها السلام التي تحتضن مرقد حفيدة رسول الله صلى الله عليه وآله والتي أخذت منها اسمها الكريم، تقع في ريف العاصمة السورية دمشق، ويقطنها الآلاف من أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فضلاً عن كونها مقصداً للملايين منهم على مدار العام.
وبحسب بيانات رسمية فإن الآلاف من الأسر اللبنانية النازحة اختارت السكن في هذه المدينة حتى انتهاء الحرب.
وبادرت لجنة الإغاثة منذ اليوم الأول لوصولها إلى المدينة بتجهيز مطبخ متكامل لتأمين وجبات الطعام للنازحين، إلى جانب توفير مياه الشرب والمستلزمات الضرورية الأخرى.
يقول السيد الشامي، 'معدل الوجبات اليومية التي تؤمنها لجنة إغاثة العتبة العباسية المقدسة تصل إلى عشرة آلاف وجبة يومياً، بمعدل ثلاث وجبات للفطور والغداء والعشاء'.
ويتابع، 'كما باشرت اللجنة بعملية توزيع السلال الغذائية للأسر التي تقطن عدة مناطق في دمشق وحمص وبعض المدن الأخرى'.
وبحسب البيانات الحقوقية التي أصدرتها منظمات حقوقية فإن أعداد النازحين بلغت أكثر من مليون نازح توزعت ما بين العراق وسوريا.
ووصلت طلائع لجنة الإغاثة في الثامن والعشرين من شهر أيلول. منطلقة من مدينة كربلاء المقدسة عبر مسارين أحدهما جوّاً والآخر برّاً.
وضمت القافلة البرية الأولى أكثر من ٦٢ آلية تباينت ما بين شاحنات تحوي المساعدات الغذائية والأدوية، وسيارات إسعاف وصهاريج الوقود بالإضافة إلى مركبات ساندة والتي تضم حافلات نقل الأفراد ومعدات العمل، فيما بلغ عدد أسطول قافلة المساعدات الثانية خمساً وخمسين شاحنة ومركبة ساندة، وما تزال قوافل المساعدات تتدفق بشكل منتظم.
وسبق للجنة الإغاثة أن تكفلت بإجراءات التنسيق مع السلطات السورية واللجان الشعبية وإدارة الحرم الزينبي قبل وصول قوافل المساعدات.
فيقول السيد احمد هلال عضو لجنة الإغاثة، "جرى الاتصال والتنسيق مع الحكومة السورية لتأمين دخول المساعدات بالتعاون مع جمعيتي الهلال الأحمر العراقي والسوري، إلى جانب التعاون مع إدارة الحرم الزينبي ومكتب سماحة السيد السيستاني دام ظله، وبعض الفعاليات الشعبية التي انبثقت عنها اللجان التنظيمية'.
ويضيف، 'أسهمت عمليات التنسيق في توفير مقر لإقامة المطبخ المركزي للجنة بالإضافة إلى المشفى الميداني ومخازن المواد الغذائية'.
وكانت ضمن أولويات اللجنة بعد أن رست قوافلها على الأراضي السورية تتركز في توفير وجبات الطعام للعوائل اللبنانية النازحة.
يقول السيد تقي عبد علي هلال مسؤول مطبخ اللجنة، 'منذ الساعات الأولى باشرنا بعمليات الطهي لتحضير وجبات الطعام لثلاثة أوقات يومياً'.
مبيناً، 'قبل أن تنطلق اللجنة صوب سوريا جهزنا جميع مستلزمات الطبخ، ابتداءً من أواني الطهي والمواد الغذائية وحتى حافظات الوجبات التي توزع على أفراد العوائل اللبنانية''.
ويضيف، 'باشرنا بتوزيع أكثر من عشرة آلاف وجبة طعام غداء، ونفس العدد لوجبة العشاء، إلى جانب وجبات الفطور'.
كما أنشأت لجنة الإغاثة في الوقت ذاته فرنا لإنتاج عشرة آلاف قطعة خبز (صمون كهربائي) يومياً، إلى جانب التعاقد مع عدد من المخابز لتجهيز سبعة آلاف رغيف خبز يومياً، يستفيد منها النازحون.
من جانبه يوضح الشيخ علي الكرعاوي عضو اللجنة إن اللجان الشعبية المشكلة من قبل العوائل النازحة أسهمت بشكل كبير في تسهيل مهمة إيصال وجبات الطعام إلى مستحقيها.
ويقول، 'استلمنا قوائم تعريفية لعدد العوائل وأماكن سكناهم في منطقة السيدة قبل أن نستعين باللجان الشعبية في عملية إيصال تلك الوجبات إلى مساكن العوائل اللبنانية النازحة'.
ويكمل حرصنا على عدم تكبيد تلك العوائل معاناة مضافة تتمثل في الذهاب والإياب إلى مقر مطبخ اللجنة'.
مبيناً، 'تباينت أماكن سكن العوائل اللبنانية ما بين منازل وفنادق تنتشر في منطقة السيدة زينب عليها السلام'.
بدوره يلفت السيد الشامي إن المساعدات التي توفرها اللجنة لم تقتصر فقط على المواد الغذائية بل ضمت الأفرشة، مثل مراتب النوم والأغطية والسجاد.
مبيناً، 'راعت العتبة العباسية المقدسة توفير معظم احتياجات العوائل اللبنانية النازحة للتخفيف من وطأة الأزمة التي تمر بهم'.
ويضيف، 'جرى تسليم الآلاف من المراتب الإسفنجية والأغطية والوسائد في عدة مناطق وأحياء بالعاصمة دمشق، أبرزها منطقة شارع الأمين وحي زين العابدين عليه السلام'.
السيد عبد الله نظام أحد أبرز رجال الدين في منطقة شارع الأمين علق على عمل لجنة إغاثة العتبة العباسية المقدسة بالثناء والمديح، قائلاً، 'الجهد الكريم الذي تبذله العتبة العباسية المقدسة يشار إليه بالبنان، وأسهم بشكل كبير في التخفيف من وطأة المعاناة التي يتكبدها النازحون'.
مضيفاً، 'في منطقتي الأمين والإمام زين العابدين عليه السلام أكثر من سبعة عشر ألف عائلة نازحة تكفلت لجنة الإغاثة التابعة للعتبة العباسية بتوفير المأكل والمشرب وما يحتاجونه من مستلزمات للعيش'.
مشيراً، 'العتبة العباسية كانت وما زالت سباقة في إغاثة الشعوب خصوصاً الشعبين اللبناني والسوري'.
مكملاً، 'شاهدنا كيف يتسابق منتسبو العتبة المقدسة على تقديم المساعدة وإغاثة العوائل بنخوة أصيلة ومتجذرة في نفوس العراقيين'.
ويختتم، 'جرت عملية سريعة للتنظيم والتنسيق بين اللجان الشعبية التي شكلت من قبلنا ووفد العتبة العباسية لضمان وصول المساعدات الأساسية للنازحين'.
في سياق متصل وفرت العتبة العباسية المقدسة أربع عجلات إسعاف بطواقمها، بالإضافة إلى المستشفى الميداني المتنقل، والذي يضم طبيبين وفريق ممرضين. فضلا عن ملاك أطباء سوري بعدد خمسة عشر ممرضاً بالتنسيق مع مكتب المرجعية العليا.
ويبين الحاج صالح مهدي مسؤول المفرزة الطبية إن أكثر من عشرة آلاف شخص استفاد من الخدمات الطبية التي يؤمنها المشفى الميداني.
ويقول، 'اختير أن تكون منطقة السيدة عليها السلام مركزاً لإقامة المشفى الميداني نظراً لانتشار أعداد كبيرة من النازحين في تلك المنطقة'.
ويضيف، 'تباينت تلك الخدمات بين علاج جرحى القصف والمرضى إلى جانب توفير الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم والقلب وضعف القلب'.
مشيراً، 'بلغت كميات الأدوية التي جرى إرسالها من العراق إلى سوريا أكثر من مئة طن'.
بدورها أشادت العوائل اللبنانية النازحة إلى سوريا بحملة الإغاثة التي أرسلتها العتبة العباسية المقدسة، مشيرين إلى دورها المهم في أغاثتهم.
حسن الفقيه الذي اضطر بسبب قصف منزله في الضاحية الجنوبية النزوح إلى سوريا بصحبة والدته يؤكد على 'تمكن لجنة الإغاثة من تخفيف وطأة معاناتهم بسبب ما لحقهم من ضرر'.
قائلا، 'استقبال أعضاء لجنة الإغاثة لنا كانت يمثل طوق نجاة بالنسبة لنا بعد أن تكالبت علينا الظروف القاهرة''.
ويضيف، 'وفرت لنا اللجنة أهم احتياجاتنا ابتداء من توفير السكن والطعام والرعاية الطبية'.
مبيناً، 'والدتي بحاجة مستمرة لأدوية ارتفاع ضغط الدم، وهي مكلفة نسبياً إلا أن طبابة العتبة المقدسة وفرتها لنا بكل سهولة'.
مكملاً، 'لولا خدمات اللجنة لكانت أوضاعنا مزرية بشكل كبير'.
الطريق إلى لبنان
إلى ذلك كشفت مصادر خاصة عن إرسال لجنة الإغاثة التي شكلتها العتبة العباسية المقدسة عشرات الشاحنات إلى لبنان محملة بآلاف الأطنان من المواد الغذائية الجافة كالدقيق والرز والبقوليات والأسماك المعلبة وحليب الأطفال والعائلة، فضلا عن حفاظات أطفال ونساء.