image alt

مدارس العميد... بين مطالب التوسع وإمكانية القبول

مدارس العميد... بين مطالب التوسع وإمكانية القبول

أهالي يطالبون العتبة العباسية بشمول أبنائهم في مدارسها

يسعى محمد داود بشدة إلى تسجيل ولديه بمدرسة العميد الابتدائية، على الرغم من كونهما يتلقيان تعليمهما في الوقت الحالي في إحدى المدارس الأهلية بالقرب من منزله في ناحية الحسينية شمال محافظة كربلاء المقدسة.

وداود الذي يعمل منتسباً في العتبة العباسية المقدسة حاول بأقصى جهده أن يتمكّن من مسعاه الذي واجه الخيبة بسبب ضوابط التسجيل في تلك المدرسة.

فيقول، "على الرغم من كوني منتسباً للعتبة العباسية المقدسة إلاّ أن ذلك لم يشفع لي بتسجيل ولديَّ في مدارس العميد بشكل يخالف الضوابط".

مبيناً، "من تلك الضوابط أن يكون تسجيل التلميذ ابتداءً من الروضة أو المرحلة الأولى للتعليم الابتدائي".

مضيفاً، "مضى على ولدي عدة مراحل في إحدى المدارس الأهلية".

وتعد مجموعة العميد التعليمية إحدى المؤسسات التابعة إلى قسم التربية والتعليم العالي في العتبة العباسية المقدسة، وتشتمل على عدد من رياض الأطفال والمدارس متعددة المراحل في مدينة كربلاء، فضلاً عن جامعة تحمل الاسم ذاته، وجامعة أخرى باسم الكفيل.

وبحسب مدير مدرسة العميد للبنين الأستاذ كرار علي الحسيني فإن ضوابط قبول الأطفال في مجموعة العميد التعليمية تُحدّد من مرحلة حضانة الأطفال مروراً بالرياض والمرحلة الابتدائية وما يعقبها من مراحل تعليمية.

وهي كما يرى معظم أولياء الأمور ممن أشركوا أبناءهم في مدارسها تتميّز بالعديد من المقومات التي تقابل برضا وارتياح لديهم.

فيقول الدكتور عادل عبد المجيد الكركوشي الذي يدرس ابناه في مدرسة العميد الابتدائية، أن "ما يميزها (مدارس العميد) إنها تربي قبل أن تعلم، وهناك فرق بين التعليم والتربية والرعاية".

موضحاً، "في الوقت الذي تغذي مجموعات العميد علماً، فهي تربي وترعى وتغرس مفاهيم لدى الأطفال ستجنى ثمارها عند بلوغ المتعلم سن الرشد".

ويضيف، "تقول الحكمة إن التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر، من هذا المبدأ أسعى أن يتربى أبنائي بما يتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي".

ويرى أن من واجبه الأبوي أن "يحظى ولداه بمؤسسة تعليمية قادرة على مواكبة ومواجهة التحديات أمام هذا المعترك الكبير من وسائل التواصل والإرهاصات المجتمعية ومن الأفكار الرائجة نتيجة الافتتاح المرئي والمسموع".

ويتحتم على من يرغب بالالتحاق بمدارس مجموعة العميد التعليمية أن يخضع لعدة اختبارات علمية، منها اختبار النطق واختبار الشخصية واختبار ردود الأفعال، إلى جانب اختبارات القدرات العلمية.

بين الرضا والقبول

وكما يبدو أن تلك الضوابط والمعايير القياسية التي تعتمدها إدارة مجموعة العميد تلقى ردود فعل متباينة، فعلى الرغم من كونها محل رضا واستحسان لدى ذوي المقبولين لديها من أولياء الأمور، غير أنّ كثيرين قد أبدوا امتعاضهم مما وصفوه بندرة المقاعد الدراسية، مشددين على ضرورة توسعة تلك المدارس وخفض سقف الضوابط أملاً في شمول أبنائهم.

في حين يشكو بعض أولياء الأمور من عجزهم عن إلحاق أطفالهم بمجموعة العميد التربوية لتعذر تأمين المبالغ المادية التي يرونها باهظة بالنسبة إليهم.

فتقول السيدة سحر عبد الكريم، "كنت أتمنى وزوجي أن تُسجّل ابنتي بمدرسة العميد، لكن أجورها تمثّل مشكلة بالنسبة لنا".

وتضيف، "تبدّدت الفرصة مع عجزنا عن تأمين الأجور الدراسية إلى جانب خروج ابنتي عن حدود المعايير الخاصة التي تضعها في مدارس العميد".

في الوقت ذاته يرى أحمد علي حسون وهو أب لأربعة أبناء إن الضوابط التي تضعها إدارة المجموعة التعليمية "مبالغ بها"، مطالباً، "بشمول جميع الراغبين بحق الالتحاق بمدارسها".

ويقول، "أرى أن على إدارة المجموعة إنشاء مدارس إضافية لتعليم ممن هم خارج الضوابط".

معلقاً، "في نهاية الأمر هي مؤسسة تربوية وتعليمية وعليها واجب إصلاحي وإنساني".

وكما يبدو أن هذا الأمر لم يمر مرور الكرام لدى إدارة المجموعة، فهي تلمس رغبات المواطنين وتسعى إلى تلبيتها ولكن وفق القدرة والاستطاعة كما يرى السيد مدير التعليم العالي الأستاذ حسن داخل.

فيقول، "لا اليوم ولا في المستقبل سوف نستطيع أن نسد الحاجة المطلوبة لأن هذا تحدٍّ آخر أن نذهب باتجاه الكم على حساب النوع، وهو خيار سينعكس سلباً على الجودة التي قد تتناقص شيئاً فشيئاً".

مبيناً، "لقد ألزمنا أنفسنا بالاهتمام بأعلى مستويات الجودة".

ويشير، "الملاكات التربوية والتعليمية التي تنتمي إلى المجموعة تتمتع بمميزات خاصة تناسب وطبيعة النهج المتبع".

موضحاً، "مؤخّراً شيدت العتبة العباسية المقدسة مدرستين في محافظة بابل بمواصفات مميزة لكن نفتقر إلى ملاك تعليمي مؤهل حسب الضوابط".

أمّا على صعيد الأجور الدراسية فيشير الدكتور حسن داخل إلى أن مشروع مجموعة العميد التعليمية بمجمله خدمي وليس استثماريا، مؤكّداً إن موارد المشروع لا تكاد تغطي نصف نفقاته.

ويقول، "قسم التربية والتعليم قسم خدمي بامتياز وليس قسم استثماري، فعلى الرغم مما يتم تقاضيه من أجور لكنها في حقيقة الأمر لا توازي نصف ما تخصصه العتبة المقدسة من أموال لديمومة عمل مجموعة العميد التعليمية".

ويضيف، "يؤكد المتولي الشرعي للعتبة المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي على إن مقولة لا استثمار في التربية، بل التربية هي استثمار نفسها".

مناهج موحدة ولكن أساليب متطورة

ما أفاد به الدكتور حسن داخل جاء وفق ما أشار إليه أولياء الأمور، الذين يعزون تنامي رغبة الآباء بالتحاق أبنائهم بالمجموعة إلى أساليب التدريس والتعليم المتبعة.

فيروي الدكتور عبد المجيد الكركوشي كيف تنامت القدرات الخاصة بأبنائه مقارنة مع أبناء أقاربهم الذين هم بنفس أعمارهم. فيقول، "في السنة الأولى تنامت لدى ولدي الصغير المعرفة السلوكية بشكل ملحوظ".

ويبين، "أراه متحفّزاً دائماً للدوام ونشطاً وأكثر قدرة على الفهم والحفظ".

ويضيف، "لقد بات حافظاً لعدة سور قصيرة من المصحف الشريف على الرغم من كونه لا يزال في بداية المرحلة الأولى من الروضة".

ويتابع، "أمّا فاطمة في مرحلة الخامس الابتدائي فهي مجتهدة بشكل كبير في جميع موادها الدراسية".

ويختتم حديثه، "مستوى التعليم في مجموعة العميد التعليمية لا يقاس ولا يقارن بمدارس أخرى".

ويُرجِع مدير مدرسة العميد للبنين الأستاذ كرار علي الحسيني تنمية قدرات التلاميذ والطلبة إلى حزمة من الإجراءات التثقيفية والتعليمية التي تتبعها إدارة المدرسة وملاكها التعليمي.

فيقول، "المناهج المتبعة في التدريس هي المناهج المقررة من قبل وزارة التربية العراقية، إلاّ إن مجموعة العميد أضافت برامج إثرائية لزيادة المعلومات للطلبة، إلى جانب منهج مخصص بأدب السلوكيات والأخلاقيات المكملة".

ويضيف، "كما تعتمد المدرسة منهجاً تهذيبياً للتلاميذ والطلبة يتناول الجانب السلوكي من خلال تفعيل الإرشاد التربوي بشكل مكثف وبإشراف الأساتذة المختصين بعلم النفس".

مبيناً، "الملاك التربوي والتعليمي معني بشؤون الطلبة كافة خصوصاً العوامل النفسية لتوفير الأجواء المناسبة للتعليم ومعالجة أي إشكاليات تواجه الطالب على صعيد المشاكل الأسرية".

ويشير مدير المدرسة إلى، أن "العلاقة بين الطالب والمعلم أو المدرس لا تقتصر على ساعات الدوام الرسمي، بل يتعدى ذلك جميع الأوقات خارج الدوام".

برنامج فريد على صعيد البلاد (المرقاب)

ويكشف الحسيني إن مجموعة العميد التعليمية نجحت في إطلاق وإقرار برنامج فريد من نوعه على صعيد العراق عبر أجهزة الهاتف، يعنى بشؤون الطلبة الخاصة وطبيعة العلاقة الأسرية.

إذ أطلقت المجموعة نظاماً إرشادياً يواصل بين التلاميذ وذويهم والملاكات التعليمية تحت مسمى (المرقاب)، وهو برنامج الكتروني آلي يقدم عدة خدمات تعليمية من جهة، ويؤمن الاتصال المستمر بين التلميذ والملاكات التعليمية وأولياء الأمور في الوقت ذاته، بما يؤمن الرعاية الدائمة على مدار اليوم.

وأسهم هذا النظام بحسب أولياء الأمور في الاطلاع بصورة مستمرة على أوضاع أبنائهم خلال حضورهم داخل مدارس المجموعة التعليمية فضلا عن التواصل مع المرشدين والأساتذة أيضاً.

كما يؤمن البرنامج تواصل التلميذ مع أساتذته خارج ساعات الدوام، سواء كانوا في المنزل أو أي مكان آخر في حال وقوع أي طارئ.

وتوفر مدارس مجموعة العميد خدمات تضاف إلى الشؤون التعليمية والتربوية، تتمثّل بتقديم وجبة طعام للتلميذ خلال اليوم الدراسي، إلى جانب وسائط نقل مؤمنة لجلب وإعادة التلاميذ من وإلى منازلهم.

الدولة والتعليم الأهلي

بدورها مديرية تربية محافظة كربلاء المقدسة ترى إن افتتاح مدارس أهلية بات ضرورة نظراً لتنامي أعداد سكان المحافظة بسبب الوافدين إليها من سكان المحافظات الأخرى.

وتقول مسؤولة شعبة التعليم الأهلي زينب راتب جياد إن "مديرية تربية كربلاء تتابع عن كثب المدارس الأهلية التي تأسّست في المحافظة".

مبينة، "تلتزم المديرية من خلال الإشراف التربوي والإشراف الاختصاصي بالاطلاع على أداء المدارس الأهلية ومتابعة شؤون الطلبة وإجراء الكشوفات الميدانية بشكل مستمر".

وتضيف، "مدارس مجموعة العميد تعد من أفضل المدارس الأهلية في محافظة كربلاء المقدسة على صعيد الالتزام بالعمل والدقة والمتابعة مع الطالب إلى جانب اعتمادها طرائق التدريس الحديثة".

موضحة، "لمدارس العميد تجربة ناجحة بتحديث وإدخال التكنلوجيا في العملية التعليمية".

وتشير مسؤولة التعليم الأهلي إلى، أن ""هناك حاجة إلى تنشيط هذا القطاع لاستيعاب الأعداد الكبيرة من طلبة العلم والدراسة خصوصاً مع الزيادة السكانية المتنامية".