image alt

البذرة الواعدة... تطلعات علمية لجيل فاعل

البذرة الواعدة... تطلعات علمية لجيل فاعل

يتمعّن ماهر خالد بدقّة المعلومات الواردة في كلّ ملف من الملفات التي تكدست فوق مكتبه، جاهدًا في تدقيق المستوى العلمي والمعرفي لكلّ مرشح ورد اسمه في استمارة المعلومات الخاصة به، تلك المعلومات التي سيكون لها كلمة الفصل في تأهّل المرشحين من عدمه.

إذ كُلِّف ماهر الذي يشغل مسؤولية شعبة العلاقات الجامعية والمدرسية التابعة لقسم العلاقات في العتبة العباسية المقدسة بإدارة برنامج البذرة الواعدة، أحد المشاريع المهمة التي تبناها القسم مؤخرًا.

وكما يظهر فإنّ الأمانة العامّة للعتبة العباسية تتبنّى مشاريع اجتماعية عديدة عن طريق أقسامها الثقافية، أسوة بالمشاريع التنموية أيضًا.

يقول ماهر: "البرنامج مستوحى من رسالة وأهداف العتبة المقدسة، والمتمثل برعاية المجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص".

مبيّنًا أنّ "هذا المشروع مشروعٌ نوعيٌّ؛ لأنّه يهتم بأبناء المنتسبين للعتبة، ويهدف إلى تنمية جميع الجوانب المهارية والتنموية، بما يشمل الجانب الديني والثقافي، عن طريق فقرات عِدّة".

وتُعدّ العتبة العباسية المقدسة إحدى مرتكزات التماسك الاجتماعي والبناء الفكري في العراق، إذ تتبوأ مركزًا معنويًّا وماديًّا رفيع المستوى لدى الشعب العراقي بأطيافه كافّة، وقد نجحت في السنوات الماضية من إنجاز مشاريع كبرى على صعيد الاستقرار الاجتماعي.

ويهدف البرنامج الذي يديره مسؤول شعبة العلاقات الجامعية والمدرسية الأستاذ ماهر خالد إلى تكثيف الجهود التنموية الهادفة لإعداد أجيال شبابية واعدة محصنة ثقافيا وعقائديا.

موضحًا، "جرى اختيار المشاركين في البرنامج وفق معيار العمر تحديدًا، إذ اختير أن يكونوا جميعا من الناشئة حصرا".

مشيرًا إلى أنّ "هذا البرنامج يأتي في سياق مشروع فتية الكفيل الوطني الذي أسسته وتبنته العتبة المقدسة من سنوات، وهو مشروع تنموي يهتم بشرائح المجتمع العراقي الشابّة".

ويتابع، "جاء برنامج البذرة الواعدة ليستهدف أبناء منتسبي العتبة العباسية المقدّسة عَبر ورشته ودوراته التنموية التي تركز على الجانبين الديني والثقافي".

منهاج البرنامج

ويتضمن منهاج برنامج البذرة الواعدة الذي انضم لدورته الأولى (28) متدربًا تتراوح أعمارهم من 13 – 14 عامًا، عِدّة دورات تدريبية لمدة أربعة أيام لكل دورة، ويشرف على تطبيقه نخبة من المدربين المختصين بالتنمية البشرية والمهارات الاجتماعية.

وجرى اختيار مُجمّع الشيخ الكليني، وهو مُجمّع خدماتي تابع للعتبة العباسية المقدسة، يقع على طريق بغداد- كربلاء، وهو أحد المجمعات الخمسة الكبرى الخاصة بخدمة زائري العتبات المقدسة في المدينة، ويقع على مسافة (16) كم عن مركز مدينة كربلاء، ويحتوي على مساحات خضراء وقاعات منام كبيرة.

وتشمل فقرات الدورة التدريبية التركيز على المهارات الناعمة، وهي المهارات الحياتية التي تشمل التواصل، وتنظيم الوقت، وإدارة المهام اليومية، وقائمة عجلة الحياة، بعيدًا عن الروتين الدراسي، مما يخرج الطلاب من جو الدراسة التقليدي ويعزز قدراتهم ويؤهلهم بشكل متوازن.

وتقرر فصل التواصل الاجتماعي لمدة أربعة أيام، واستخدام وسائل مبتكرة للابتعاد عن المشتتات مثل الموبايلات، مع تخصيص أركان ترفيهية لعرض الكتب والقصص، وألعاب فكرية وسلوكية، لتنمية روح المنافسة والاستثمار المثمر لوقت الفراغ، بالإضافة إلى مسابقات رياضية وجوائز معنوية للفائزين، وذلك بهدف تهيئة بيئة محفزة ومتوازنة للمشاركين.

الشيخ حسين مناحي، أحد منتسبي قسم الشؤون الفكرية والثقافية ألقى محاضرة بعنوان {الإرشاد الإسلامي لمرحلة المراهقة ودورها في بناء الشخصية}، إذ علّق قائلا: "كانت الغاية من المحاضرة تسليط الضوء على أهمية هذه المرحلة، لأنّها تتميّز بمرحلة المراهقة ومرحلة التكليف الشرعي، إذ يبدأ فيها الشاب في تحمل المسؤوليات الدينية والأخلاقية".

مشيرًا إلى أنّ "هذا البرنامج بالغ الأهمية لهذه المرحلة العمرية على صعيد النمو الشخصي والروحي، والتحديات التي يواجهها المراهقون في ظل التطورات التكنولوجية المعاصرة ووسائل التواصل الاجتماعي التّي تشكل عائقًا وتهديدًا لهم".

مضيفًا، "هناك إيجابيات كثيرة يمكن أن يستفيدوا منها إذا عرفوا كيفية استثمار الموارد بشكل إيجابي، ومنها الإيمان القوي ومصادر التشريع الإسلامي المتمثلة في القرآن الكريم، والنبي الأكرم -صلى الله عليه وآله- والأئمة الأطهار -عليهم السلام-، بالإضافة إلى المرجعيات الدينية التي يجب التمسك بهم والتعرف على ما يوجهون من نصائح وإرشادات".

مؤكّدا، "القيم الإسلامية الشاملة تتضمّن معايير الأخلاق، وخلق السلام والمحبة، والتعاون بين الناس، وهي عوامل مهمة لبناء شخصية متوازنة ومتعاونة، وقادرة على مواجهة التحديات".

فوائد وارتياح

إلى ذلك أبدى المشاركون في الدورة الأولى لبرنامج البذرة الواعدة عن ارتياحهم الكبير وسعادتهم بالانضمام، مشيرين إلى اكتسابهم معلومات ومهارات جديدة.

فيقول محسن أزهر نوري: "اشعر بالسعادة والارتياح التام، فقد أضافت لي الكثير من الأمور التي جعلتني أفكر بالاعتماد على نفسي في التفكير والعمل".

مبيّنًا، "الاستفادة كانت من العديد من الأمور عن طريق الفعاليات الدينية والرياضية التي أسهمت في تزويدي بمعارف جديدة".

ويضيف، "أشار إلى أنّ الجميع كانوا متعاونين معه بشكل رائع، وأنّ الجميع كانوا يستجيبون بشكل إيجابي، معبرًا عن رضاهم عن التعاون والتفاعل في البرنامج.

مضيفًا، "استفدت من المحاضرات الدينية والحيوية والرياضية، بالإضافة إلى المواد العلمية، مما أضاف لي معلومات جديدة ومتنوعة".

في حين أكّد إلياس صفاء محسن، الذي يبلغ من العمر 13 عامًا ويدرس في الصف الثاني المتوسط، على الفائدة الكبيرة التي جناها من هذه الدورة.

فيقول، "تعرفت على أمور كثيرة لم أكن أعرفها من قبل، وأشعر بأنّ لدي فهم أعمق، خاصة من الناحية الدينية".

مشيرًا إلى أنّ "أكثر الأمور سعادة لديه هي تقدير فوائد احترام الصداقة، وأنه أصبح متفهم ومتعاون مع بقية أقرانه، مما أسهم في تعزيز الأجواء الإيجابية معهم".

أمّا مؤمل محمود، الذي يبلغ من العمر 14 عامًا، وهو في مرحلة الثالث المتوسطة، أكد أيضًا على الفائدة الكبيرة التي حصل عليها من الدورة، مبينًا، "الدورة كانت مليئة بالمعلومات الدينية والتوعوية والتربوية، وأنّ وجود المشايخ الصادقين ساعده على التعلّم بشكل صحيح وموثوق".

مضيفًا، "هذه الدورة أضافت لي الكثير من الأمور التي لم أكن أعرفها من قبل، خاصة تلك التي تعلمتها من المشايخ".

موضحًا، "أبرز الأشياء التّي أدركتها في هذه الدورة هي الثقة بالنفس وأهمية كشف قدراتي الروحية والمعنوية بشكل أكبر".