
وصايا وتعليمات.. تلافيًا لحوادث المرور
يتنقّل أحمد عبد الحسين بين المركبات ممسكًا بيده بندًا من القصاصات الورقية، وبيده الأخرى يسلّم نسخةً من كلّ قصاصة إلى قائد مركبة، مُوليا أهميةً كبيرةً، لإيصال تلك القصاصات الورقية إلى جميع سائقي السيارات المتجمعين في مرآب المدينة.
وأحمد أحد أبناء مدينة كربلاء المقدسة، تطوّع في مهمة يرى فيها مساهمة فاعلة في المشاركة بإحياء شعائر زيارة الأربعين كما يقول.
مبيّنا، "أواصل الليل في النهار لإيصال أكبر عدد من تلك القصاصات الورقية إلى سائقي مركبات النقل العام على وجه الخصوص".
مضيفًا، "تلك القصاصات تحمل وصايا صادرة عن العتبة العباسية المقدسة، تحث فيها قادة المركبات لمراعاة السلامة والحفاظ على أرواح الزائرين في الطريق من وإلى مدينة كربلاء المقدسة في أثناء زيارة الأربعين".
ويكمل المتطوع أحمد عبد الحسين وعلى وجهه مشاعر الارتياح، "حتى الآن نجحت في إيصال أكثر من ألفي قصاصة إلى السواق".
وكان قسم المواكب والشعائر الحسينية أحد اقسام الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة قد أصدر حزمةً من التعليمات والتوصيات الواجب مراعاتها في إحياء زيارة الأربعين.
وتعدّ هذه الزيارة المليونية أضخم المواسم الدينية التي يشهدها العراق سنويًّا، بل العالم على الإطلاق، وتعنى بإحياء مرور أربعين يومًا من استشهاد الإمام الحسين وأهل بيته صلوات الله عليهم، في معركة الطف الشهيرة التي وقعت عام 61 للهجرة على أرض مدينة كربلاء المقدسة، ويوافق في نفس اليوم واقعة رد رؤوس أهل البيت عليهم السلام والأصحاب المقطوعة إلى الأجساد الطاهرة ودفنها معها من قبل الإمام السجاد عليه السلام.
ويفد ملايين الزوار من مختلف أرجاء العالم للمشاركة في إحياء هذه الزيارة.
يقول أحمد: "أرى استجابة وامتنان كبيرين من لدن الذين تصل إليهم هذه التوصيات، خصوصًا وأنّهم يرون فيها حرصًا كبيرًا من لدن العتبة المقدسة على أرواحهم وممتلكاتهم".
هذا الرأي يتفق معه السيد أبو مجتبى الأسدي، أحد سائقي الشاحنات بعد تلقّيه الوصايا، قائلًا: "هناك اهتمام كبير من قبل العتبات المقدسة في مختلف شؤون الزيارة".
مبينا، "هذا الأمر ليس بجديد على صعيد الخدمات المادية والمعنوية التي تبذلها العتبات المقدسة في كربلاء؛ لحفظ أمن وسلامة الزائرين في أثناء الزيارات المليونية".
ويضيف، "مع الأسف قد نلاحظ بعض السائقين يستخفون بضوابط السلامة المرورية مما يسفر عن حوادث قاتلة".
مستشهدا، "فقدتُ أحد أقرب الأصدقاء نتيجة عدم مراعاته المعايير المرورية وإصراره على قيادة سيارته بسرعة وتهور".
مشيرًا، "هذه القصاصات الورقية مهمة لتذكير السائقين بخطر عدم التزامهم بمعايير السلامة والأمان".
وتشهد مدينة كربلاء المقدسة والطرق المؤدية إليها زخمًا مروريا مع كلّ زيارة كبرى، كزيارة الأربعين أو زيارة العاشر من المحرم أو زيارة النصف من شعبان، وغالبا ما تقع حوادث مرورية متباينة الشدة.
بدوره يشير الأستاذ جسام السعيدي، معاون رئيس قسم الإعلام، إلى أنّ الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة تحرص على تطبيق جميع القوانين المرورية التي من شأنها حفظ أرواح المواطنين عمومًا، ومنتسبيها على وجه الخصوص، وذلك انطلاقًا من مسؤوليتها الشرعية والاجتماعية.
موضحًا، "العتبات المقدسة، ومن ضمنها العتبة العباسية، تعمل وفق توجيهات المرجعية الدينية العليا، والتي توصي دومًا بضرورة احترام القوانين والتعليمات التي تصبّ في مصلحة أمن وصحة المجتمع وسلامته، مشددًا على أن التعاون مع الجهات المختصة يعكس وعيًا حضاريًا واحترامًا للنظام العام".
الازدحام والخطط المرورية
إلى ذلك يعزو السيد جواد التميمي، عضو هيأة النقل العام في مدينة كربلاء المقدسة، إلى الزخم الهائل للمركبات والمشاة في الطرق المؤدية إلى المدينة سببا في ازدياد معدلات الحوادث المرورية، قائلًا: "تتحول الشوارع إلى مساحات مكتظة، ما يؤدّي إلى ضغط كبير على السائقين ويُفقدهم التركيز".
ويضيف، "إلى جانب ذلك فإنّ القيادة لساعات طويلة دون راحة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، تُسهم في إرهاق السائق، وتزيد من احتمالية وقوع الحوادث".
من جهته أكّد مدير شعبة الإعلام في مديرية المرور العامة العقيد الحقوقي حيدر شاكر محمد، "مديرية المرور العامة لديها الخبرة الكافية لتنظيم حركة السير والمرور في جميع المناسبات".
وقال: "قامت المديرية في زيارة الأربعين بنشر الدوريات والمفارز والآليات الخاصة بالتعاون مع الوزارات الخدمية لتنظيم الحركة باتجاه الطرق المؤدية إلى كربلاء".
مؤكّدًا، "خطة زيارة الأربعين تتصف بالمرونة ولا تتضمن أي قطع في الشوارع، ونُصبت الكاميرات الذكية والرادارات ومُحدّدات السرعة في الطرق السريعة، والتي تعمل على تنظيم الحركة ورصد المخالفات المرورية بحق السائقين المخالفين".
وأشار مدير إعلام مرور كربلاء المقدسة، المقدم رياض الحمداني إلى أنّ "هناك تعاونًا كبيرًا جدّاً بين العتبات المقدّسة في كربلاء وبين مديريّة مرور المحافظة، بتنظيم ورشة عملٍ خاصّةٍ بقانون المرور، والتعليمات والإشارات المروريّة المتعلّقة بأسبقيّات السير عن طريق شرحٍ مفصّل".
ويكمل، "برعاية العتبة العباسية المقدسة يتم طباعة كرّاس وبروشور خاصّ بالإرشادات المروريّة والقانون المروريّ، وبدعمٍ مجّاني من العتبة المقدّسة".
واختتم الحمداني حديثه، "المديرية ستبدأ بتشغيل الرادارات الحديثة الثابتة والمتنقلة لرصد مجموعة من المخالفات المرورية بشكل إلكتروني ودقيق، وتشمل عدم ارتداء حزام الأمان، وتجاوز السرعة المحددة، واستخدام الهاتف النقال في أثناء القيادة، بالإضافة إلى سير المركبات الكبيرة في الممر الأيسر من الطرق السريعة".